responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 212
قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حَدِيثُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا]
يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَسَائِلُ أُصُولِيَّةٌ وَفُرُوعِيَّةٌ.
نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَحْضُرُنَا الْآنَ. أَمَّا الْأُصُولِيَّةُ: فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْهَا: قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ. وَعَادَةُ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ: اعْتِدَادُ بَعْضِهِمْ بِنَقْلِ بَعْضٍ. وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا: أَنْ تُثْبِتَ قَبُولَ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِهَذَا الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ. فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ. وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ: التَّنْبِيهُ عَلَى مِثَالٍ مِنْ أَمْثِلَةِ قَبُولِهِمْ لِخَبَرِ الْوَاحِدِ، لِيُضَمَّ إلَيْهِ أَمْثَالٌ لَا تُحْصَى. فَيَثْبُتُ بِالْمَجْمُوعِ الْقَطْعُ بِقَبُولِهِمْ لِخَبَرِ الْوَاحِدِ.

[نَسْخ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ] 1
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: رَدُّوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إلَى أَنَّ نَسْخَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ. هَلْ يَجُوزُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ أَمْ لَا؟ مَنَعَهُ الْأَكْثَرُونَ؛ لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ لَا يُزَالُ بِالْمَظْنُونِ. وَنُقِلَ عَنْ الظَّاهِرِيَّةِ جَوَازُهُ. وَاسْتَدَلُّوا لِلْجَوَازِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَوَجْهُ الدَّلِيلِ: أَنَّهُمْ عَمِلُوا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ.
وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ عِنْدِي مُنَاقَشَةٌ وَنَظَرٌ. فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي نَسْخِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَيَمْتَنِعُ عَادَةً أَنْ يَكُونَ أَهْلُ قُبَاءَ - مَعَ قُرْبِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْثِيَالِهِمْ لَهُ، وَتَيَسُّرِ مُرَاجَعَتِهِمْ لَهُ - أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ فِي الصَّلَاةِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَبَرًا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ. وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ لِفِعْلِهِ، أَوْ مُشَافَهَةٍ مِنْ قَوْلِهِ. وَلَوْ سَلَّمْت أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فِي الْعَادَةِ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَدُ مُشَاهَدَةَ فِعْلٍ، أَوْ مُشَافَهَةَ قَوْلٍ. وَالْمُحْتَمَلُ الْأَمْرَيْنِ لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا. فَلَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ اسْتِقْبَالِهِمْ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى خَبَرٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُشَاهَدَةٍ. وَإِذَا جَازَ انْتِفَاءُ أَصْلِ الْخَبَرِ جَازَ انْتِفَاءُ خَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْمُطْلَقِ يَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ قُيُودِهِ. فَإِذَا جَازَ انْتِفَاءُ خَبَرِ التَّوَاتُرِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ مَنْصُوبًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَفْرُوضَةِ

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست